الموارد البشرية تحسم الجدل حول انواع المهن المحاسبية الخاضعة لقرار التوطين

الموارد البشرية تحسم الجدل حول انواع المهن المحاسبية الخاضعة لقرار التوطين
  • آخر تحديث

تشهد المملكة العربية السعودية منعطف مهم في مسيرتها الاقتصادية مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من قرار توطين المهن المحاسبية في القطاع الخاص.

الموارد البشرية تحسم الجدل حول انواع المهن المحاسبية الخاضعة لقرار التوطين 

يأتي هذا القرار الذي سيدخل حيّز التنفيذ يوم الاثنين القادم امتداد لجهود المملكة المتواصلة في تمكين أبنائها وبناتها من قيادة سوق العمل والمشاركة الفاعلة في بناء اقتصاد وطني متين ومستدام.

المرحلة الجديدة ليست مجرد خطوة إدارية، بل تمثل تحول جوهري في نظرة الدولة إلى سوق العمل، إذ تضع المواطن السعودي في موقع الريادة ضمن المهن التخصصية التي تعد ركيزة أساسية لأي منظومة اقتصادية متطورة.

رؤية وطنية نحو تمكين الكفاءات السعودية

يعد قرار توطين المهن المحاسبية ترجمة عملية لأهداف رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في المجالات المهنية المتقدمة.

فالمملكة لم تعد تركز فقط على توفير فرص العمل، بل على رفع جودة تلك الفرص وتمكين المواطنين من ممارسة أدوار قيادية ومؤثرة في مختلف القطاعات.

القرار جاء نتيجة تخطيط دقيق وتعاون بين وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وعدد من الجهات الحكومية والخاصة، بهدف تطوير بيئة العمل المحاسبية وتحفيز المنشآت على استقطاب الكفاءات الوطنية المؤهلة.

نطاق التنفيذ والفئات المستهدفة

المرحلة الأولى من القرار تستهدف المنشآت الخاصة التي تضم خمسة محاسبين فأكثر، حيث يلزم القرار هذه المنشآت بتحقيق نسبة توطين لا تقل عن 40% من إجمالي العاملين في الوظائف المحاسبية.

ويشمل ذلك الشركات الكبرى والمتوسطة التي تعتمد بشكل أساسي على الأقسام المالية والإدارية في إدارة الحسابات، الميزانيات، التقارير المالية، ومتابعة التدفقات النقدية.

بهذا التوجه، تسعى الوزارة إلى خلق توازن بين دعم المنشآت وتحفيزها على التوطين، وبين توفير فرص عمل نوعية للمواطنين في مجال حيوي يشكل العمود الفقري لأي نشاط اقتصادي.

برامج دعم وتأهيل لضمان نجاح المبادرة

حرصت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية على تهيئة البيئة المناسبة لتطبيق القرار دون أن تتأثر كفاءة العمل في القطاع الخاص.

ولهذا أطلقت حزمة من البرامج التدريبية والدعم الفني عبر منصة "هدف" وصندوق تنمية الموارد البشرية، تشمل التدريب أثناء العمل ودعم الأجور للمنشآت التي تلتزم بتوظيف المحاسبين السعوديين.

كما وفرت الوزارة قنوات إلكترونية لتسهيل عمليات التوظيف عبر بوابة "طاقات"، إضافة إلى برامج تأهيل متخصصة تركز على تطوير المهارات الفنية والتقنية للمحاسبين الجدد بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل الحديثة.

تعزيز جودة القطاع المالي والمحاسبي

لا تقتصر أهمية القرار على زيادة نسب التوظيف فحسب، بل تمتد لتشمل رفع مستوى الأداء المالي في الشركات والمؤسسات.

فالمحاسب السعودي المؤهل يمتلك القدرة على تعزيز الشفافية المالية وتحسين إدارة الموارد، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على ثقة المستثمرين ويقوّي بيئة الأعمال في المملكة.

كما أن توطين هذا القطاع سيسهم في بناء قاعدة وطنية من الخبراء والمتخصصين القادرين على قيادة التطور المالي والإداري في المؤسسات الكبرى، خصوصا مع اتساع حجم المشاريع الاستثمارية والتنموية في المملكة خلال السنوات المقبلة.

المؤهلات المطلوبة للعمل في المهن المحاسبية

وضعت وزارة الموارد البشرية مجموعة من الشروط والمعايير التي يجب أن تتوفر في المحاسبين السعوديين الراغبين في الالتحاق بهذه الوظائف.

وتشمل هذه المتطلبات الحصول على مؤهل علمي في المحاسبة أو المالية أو ما يعادلها، بالإضافة إلى التسجيل في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين (SOCPA).

كما يشترط الإلمام بأنظمة المحاسبة الحديثة والقدرة على التعامل مع البرامج الإلكترونية المتخصصة، إلى جانب الالتزام بالقواعد المهنية والأخلاقية التي تحكم الممارسة المحاسبية في المملكة.

شراكة فاعلة بين الدولة والقطاع الخاص

تؤكد وزارة الموارد البشرية أن نجاح مشروع التوطين يعتمد على الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص، الذي يُعد المحرك الرئيسي لسوق العمل.

وقد أبدت العديد من الشركات والمؤسسات تجاوب كبير مع القرار، معتبرة أنه يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار الوظيفي وتحسين الكفاءة الإنتاجية.

كما أن الدعم الحكومي المقدم للمنشآت التي تلتزم بنسب التوطين يسهم في تخفيف الأعباء المالية ويشجع على استقطاب المواهب الوطنية وتطويرها بشكل مستمر.

خطوة نحو المستقبل

قرار توطين المهن المحاسبية لا يمثل نهاية المسار، بل بداية لمرحلة أوسع من التوطين النوعي الذي يستهدف المهن ذات التأثير المباشر على التنمية الاقتصادية.

ومع استمرار جهود الدولة في تطوير التعليم والتدريب وربطهما بسوق العمل، تترسخ ملامح اقتصاد وطني قوي يعتمد على سواعد أبنائه في تحقيق أهدافه المستقبلية.