القصة الكاملة لصفقة حقل الجافورة في السعودية وتأثيره على أسعار النفط

القصة الكاملة لصفقة حقل الجافورة في السعودية وتأثيره على أسعار النفط
  • آخر تحديث

تشهد المملكة العربية السعودية واحدة من أبرز الصفقات في تاريخ قطاع الطاقة، مع تسارع التطورات في مشروع حقل الجافورة العملاق، حيث انضمت مجموعة من صناديق الثروة السيادية من السعودية والإمارات وسنغافورة إلى تحالف استثماري ضخم تبلغ قيمته نحو 11 مليار دولار.

القصة الكاملة لصفقة حقل الجافورة في السعودية وتأثيره على أسعار النفط 

هذه الخطوة تمثل تحول استراتيجي في مشهد الطاقة الإقليمي والعالمي، إذ تسعى السعودية إلى ترسيخ مكانتها كقوة رئيسية في إنتاج الغاز الطبيعي غير التقليدي، في إطار توجهها لتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستثمارات طويلة الأمد.

يقود التحالف الدولي الجديد شركة غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز التابعة لمجموعة بلاك روك الأميركية، بالتعاون مع صناديق كبرى مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة مبادلة الإماراتية، وصندوق GIC السنغافوري، إضافة إلى الصندوق العربي للطاقة وعدد من صناديق التقاعد والاستثمار الخليجية.

ويستهدف هذا التحالف دعم مشاريع المعالجة والتطوير في حقل الجافورة، بما يواكب الخطط الطموحة لشركة أرامكو السعودية للتوسع في إنتاج الغاز الطبيعي.

أضخم مشروع غاز غير مصاحب في المملكة

يعد حقل الجافورة حجر الزاوية في إستراتيجية السعودية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، إذ يقدر احتياطه بنحو 229 تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام.

ويصنف المشروع ضمن أكبر استثمارات أرامكو في مجال الغاز غير المصاحب، حيث تخطط الشركة لزيادة إنتاجها من الغاز بنسبة تتجاوز 60% خلال الفترة ما بين عامي 2021 و2030.

هذه الزيادة تمثل خطوة حاسمة نحو التحول إلى مزيج طاقة أكثر استدامة يواكب احتياجات النمو الصناعي والكهربائي المتسارع في البلاد.

هيكل الصفقة وتمويل المشروع

تتضمن الصفقة إنشاء شركة جديدة تحمل اسم الجافورة لنقل ومعالجة الغاز، لتتولى إدارة الأصول التشغيلية الخاصة بمرافق معالجة الغاز في الحقل.

ووفقا للترتيبات المالية، سيتم تأجير هذه المرافق إلى الشركة الجديدة، على أن تقوم الأخيرة بإعادة تأجيرها إلى أرامكو لمدة تصل إلى عشرين عام.

وستحتفظ أرامكو بنسبة 51% من الأسهم، بينما يمتلك المستثمرون الباقون 49%، ما يضمن للشركة السعودية السيطرة التشغيلية مع فتح الباب أمام استثمارات أجنبية ضخمة.

تتيح هذه الآلية تمويل مرن يخفف الضغط على ميزانية أرامكو ويتيح لها الاستفادة من السيولة الخارجية دون المساس بقدرتها الائتمانية.

ويتوقع أن تكون الصفقة من أكبر عمليات التمويل في قطاع الطاقة السعودي منذ صفقات خطوط الأنابيب التي نفذتها أرامكو في عام 2022.

مشاركة إقليمية ودولية واسعة

مشاركة مؤسسات مثل مبادلة الإماراتية وGIC السنغافوري تؤكد ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد السعودي واستقراره المالي.

كما أن انضمام الصندوق العربي للطاقة يعكس البعد الإقليمي للمشروع، ويبرز التوجه نحو تعزيز التعاون العربي في مشاريع الطاقة الكبرى.

وتشير تقارير اقتصادية إلى أن صناديق من كوريا الجنوبية والسعودية كانت ضمن المفاوضات الأولية، ما يعكس تنوع الشركاء وتعدد مصادر التمويل في هذه الصفقة التاريخية.

الأبعاد الإستراتيجية والاقتصادية

تمثل صفقة الجافورة أكثر من مجرد مشروع طاقة، فهي خطوة تعزز موقع السعودية الجيوسياسي في أسواق الغاز العالمية في وقت يشهد فيه العالم تحولات جذرية في موازين الطاقة.

فبينما تظل المملكة أكبر مصدر للنفط الخام، تسعى الآن لتكون أيضا أحد اللاعبين الكبار في سوق الغاز، لتلبية الطلب المحلي والدولي المتزايد على الطاقة النظيفة.

كما أن التحالف بقيادة بلاك روك يبعث برسالة قوية إلى الأسواق العالمية حول جاذبية المشاريع السعودية، وقدرتها على استقطاب استثمارات طويلة الأمد رغم التحديات الاقتصادية العالمية.

ويتوقع أن تسهم هذه الاستثمارات في تطوير تقنيات جديدة لمعالجة الغاز، وزيادة الكفاءة التشغيلية من خلال نقل المعرفة والخبرة من الشركات الدولية إلى السوق المحلية.

العوائد الاقتصادية والتأثير على سوق الطاقة

تبلغ قيمة التدفقات الاستثمارية المباشرة في صفقة الجافورة نحو 11 مليار دولار خلال العامين المقبلين، مع احتمال ارتفاعها مع دخول المرحلة الثانية من المشروع بحلول عام 2027.

ومن شأن هذا المشروع أن يعزز إنتاج الغاز المحلي، مما يقلل من اعتماد المملكة على النفط في توليد الكهرباء، ويساعد في تحسين كفاءة استهلاك الطاقة على المستوى الوطني.

ومن المتوقع أن تسهم هذه الخطوة في تحقيق أحد الأهداف الرئيسية لرؤية المملكة 2030، والمتمثل في تنويع الاقتصاد الوطني وجذب رؤوس أموال أجنبية نوعية، إضافة إلى ترسيخ موقع السعودية كمركز محوري للطاقة في المنطقة والعالم.

بهذا التحالف الجديد، لا يقتصر تأثير حقل الجافورة على تعزيز إنتاج الغاز فحسب، بل يشكل نموذج جديد للشراكات الدولية في قطاع الطاقة، يجمع بين القوة المالية الخليجية والخبرة العالمية في الاستثمار والبنية التحتية، بما يمهد الطريق لعصر جديد من المشاريع العملاقة في الاقتصاد السعودي.