بأمر ملكي.. السعودية تلغي توطين كل هذه المهن دفعة واحدة وتسمح للمقيمين بالعودة للعمل فيها خلال أيام

السعودية تلغي توطين كل هذه المهن دفعة واحدة
  • آخر تحديث

تسير المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار رؤية 2030، وهي مرحلة تقوم على إعادة تشكيل مفهوم سوق العمل وتوسيع نطاق الاستفادة من الكفاءات المحلية والعالمية على حد سواء.

السعودية تلغي توطين كل هذه المهن دفعة واحدة 

لم يعد حضور الكفاءات الأجنبية في السوق السعودي مجرد خيار تكميلي، بل أصبح جزء محوري في المنظومة التنموية المتكاملة التي تهدف إلى تحقيق التنوع الاقتصادي ورفع كفاءة الأداء في مختلف القطاعات.

إن هذا التوجه يعكس وعي استراتيجي متقدم لدى القيادة السعودية التي أدركت أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب مزيج من الخبرة الدولية والقدرات الوطنية الشابة.

ومن هنا، فتحت المملكة أبوابها أمام أصحاب المهارات والخبرات من مختلف أنحاء العالم للعمل في ثلاثة عشر مجال مهني حيوي، وفق تنظيمات دقيقة أعلنتها الجهات الرسمية المختصة، بما يضمن المواءمة بين احتياجات السوق المحلية والفرص العالمية المتاحة.

الدوافع الاستراتيجية وراء فتح سوق العمل أمام الوافدين

تأتي هذه الخطوة في سياق مرحلة تنموية تتسم بتسارع تنفيذ المشاريع العملاقة ضمن رؤية 2030، مثل مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر ومبادرات التحول الرقمي والطاقة المتجددة.

وتتطلب هذه المشاريع خبرات متخصصة لا تتوافر دائما على المستوى المحلي، مما يجعل استقطاب الكفاءات العالمية ضرورة تنموية وليست مجرد توجه اقتصادي.

وتسعى المملكة من خلال هذه السياسة إلى تحقيق توازن بين توطين الوظائف من جهة، والانفتاح على الخبرات الدولية من جهة أخرى.

فالغاية ليست في استبدال الأيدي العاملة الوطنية، بل في بناء شراكات مهنية تسهم في نقل المعرفة وتعزيز القدرات الوطنية لتصبح قادرة مستقبلا على تولي زمام القيادة في جميع القطاعات الحيوية.

التكامل بين الكفاءات الوطنية والدولية

تتبنى السعودية نهج يقوم على مفهوم "التكامل البناء"، حيث تعمل الكفاءات الأجنبية جنب إلى جنب مع المواهب المحلية في بيئة عمل منفتحة تسعى إلى تبادل الخبرات ونقل المهارات.

وهذا التكامل يسهم في دعم استدامة المشاريع الكبرى ويخلق ثقافة مهنية أكثر تنوع وانفتاح على التجارب العالمية.

كما تهدف هذه السياسة إلى تطوير منظومة الموارد البشرية الوطنية، من خلال توفير فرص تدريب وتأهيل تعتمد على الخبرات الأجنبية المتقدمة، لتتحول الكفاءات المحلية لاحقا إلى قادة في مجالاتهم، مسلحين بخبرة عالمية وتجربة عملية داخل مشاريع ذات طابع دولي.

القطاعات المهنية المتاحة أمام الوافدين في عام 2025

تتنوع فرص العمل المتاحة للوافدين في السعودية وتشمل مجموعة من القطاعات الأساسية التي تم اختيارها بناء على احتياجات السوق السعودي ومتطلبات المرحلة المقبلة، ومن أبرزها:

  • القيادة الإدارية: مثل مديري المبيعات ومديري الحسابات التنفيذية.
  • الإدارة المالية: وتشمل المحاسبين التنفيذيين ومساعدي المحاسبة.
  • الخدمات اللوجستية وسلسلة الإمداد: وتضم مسؤولي المشتريات وأمناء المستودعات.
  • الدعم الإداري: مثل المساعدين الإداريين والسكرتيريين التنفيذيين.
  • قطاع المبيعات والتجزئة: ويشمل مندوبي المبيعات والعاملين في المنافذ التجارية.
  • القطاع الصحي: ويضم فنيي التمريض والمساعدين الصيدليين والتخصصات الطبية المساندة.

المزايا الاقتصادية والسياسات الداعمة

تعكس سياسة التوظيف الجديدة رؤية اقتصادية شاملة تهدف إلى تعزيز كفاءة سوق العمل وتحسين بيئة الاستثمار في المملكة.

فهي تساهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع العملاقة، ورفع جودة الإنتاج، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي من خلال سد الفجوات المهنية في القطاعات التي تتطلب خبرات نوعية متقدمة.

كما أن وجود الخبرات الأجنبية يسهم في تحفيز بيئة العمل المحلية لتكون أكثر احترافية وتنافسية، الأمر الذي يدعم طموحات المملكة في أن تصبح مركز اقتصادي عالمي جاذب للمواهب والاستثمارات الدولية.

آليات التقديم وفرص الانضمام إلى سوق العمل السعودي

تتيح المملكة للمهتمين من مختلف دول العالم التقديم للوظائف المتاحة من خلال المنصات الرسمية المعتمدة، مثل منصة "مقيم" التابعة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومنصة "أبشر للعمل" الإلكترونية.

وتشترط هذه المنصات استيفاء جميع المتطلبات النظامية، بما في ذلك المؤهلات الأكاديمية، والخبرة العملية، وتوافق التخصص مع الاحتياج الفعلي في السوق السعودي.

حماية فرص المواطنين السعوديين

رغم التوسع في فرص العمل للوافدين، إلا أن المملكة تحافظ على مبدأ "الأولوية للمواطن" كركيزة أساسية في سياسات التوظيف.

فالتصاريح الممنوحة للوافدين تصدر فقط في حال عدم توفر كفاءات وطنية مؤهلة، مع استمرار برامج التوطين التي تهدف إلى وصول نسبة السعودة إلى 85% من إجمالي الوظائف في المدى المتوسط.

مستقبل سوق العمل السعودي ورؤية التوظيف المتوازن

تسير المملكة نحو بناء نموذج توظيف متوازن يجمع بين الانفتاح على الخبرات العالمية وتمكين الكفاءات المحلية.

وهو ما يعرف بمفهوم "التوطين المرن"، الذي لا يقتصر على توفير فرص العمل فحسب، بل يتعداه إلى بناء بيئة مهنية عالمية تحتضن الابتكار وتدعم نقل المعرفة وتؤسس لاقتصاد متنوع ومستدام.

إن سياسة فتح سوق العمل أمام الوافدين تمثل خطوة استراتيجية في مسيرة التحول الوطني الذي تشهده المملكة العربية السعودية.

فهي تعكس نضج الرؤية الاقتصادية، وعمق التخطيط الاستراتيجي الذي يوازن بين المصلحة الوطنية والانفتاح العالمي

. ومع استمرار تنفيذ مشاريع رؤية 2030، تتأكد مكانة السعودية كوجهة مفضلة للكفاءات العالمية، واقتصاد واعد يسير بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر ازدهار وتكامل.