مصادر تكشف السبب الحقيقي للعداوة التاريخية بين إنزاجي مدرب الهلال وكنسيسوا مدرب الاتحاد الجديد

السبب الحقيقي للعداوة التاريخية بين إنزاجي مدرب الهلال وكنسيسوا مدرب الاتحاد الجديد
  • آخر تحديث

في صيف عام 1999، كانت كرة القدم الإيطالية على موعد مع بداية قصة جديدة تجمع بين موهبتين ستتحولان لاحقا إلى اثنين من أكثر المدربين تأثير في كرة القدم الحديثة، وتحديد في المشهد الرياضي السعودي لاحقا.

السبب الحقيقي للعداوة التاريخية بين إنزاجي مدرب الهلال وكنسيسوا مدرب الاتحاد الجديد

كان البرتغالي سيرجيو كونسيساو في طريقه لبدء موسمه الثاني مع نادي لاتسيو الإيطالي، أحد أكثر الفرق طموح في تلك الفترة، في حين أبرم النادي صفقة جديدة بضم المهاجم الإيطالي الشاب سيموني إنزاجي من نادي بيانتشينزا، ليبدأ فصل جديد في تاريخ النادي العريق الذي كان يستعد لصناعة مجد استثنائي في موسم 1999-2000.

العلاقة التي بدأت بين كونسيساو وإنزاجي في غرف ملابس لاتسيو لم تكن مجرد زمالة عمل، بل كانت بداية صداقة وثيقة امتدت لسنوات، توثقت عبر لحظات المجد والانتصار، قبل أن تتحول مع مرور الزمن إلى منافسة شرسة وحكاية صراع طويل داخل عالم التدريب.

صيف المجد اللاتسيالي

كان موسم 1999-2000 بمثابة الحقبة الذهبية للاتسيو، إذ دخل الفريق تلك السنة وهو يملك تشكيلة مليئة بالنجوم، يقودها المدرب السويدي سفين غوران إريكسون.

ومع انضمام إنزاجي إلى الخط الأمامي بجوار النجم التشيلي مارسيلو سالاس، ووجود كونسيساو في الجناح الأيمن، أصبح الفريق أحد أقوى التشكيلات في أوروبا.

بدأ الموسم بتتويج الفريق بكأس السوبر الأوروبي بعد فوزه على مانشستر يونايتد بطل دوري الأبطال بهدف نظيف، ليعلن للعالم أن لاتسيو قادم بقوة نحو منصات التتويج.

لم تتوقف إنجازات الفريق عند ذلك الحد، فقد واصل زحفه بثقة نحو لقب الدوري الإيطالي الذي غاب عن خزائنه منذ 26 عام، محققا الثنائية التاريخية بفوزه بلقبي الدوري والكأس في عام واحد.

تلك الفترة كانت نقطة التحول الكبرى في مسيرة كونسيساو وإنزاجي كلاعبين، إذ عاشا معا تجربة المجد، لكنهما لم يدركا أن القدر سيجمعهما مجددا بعد عقدين من الزمن على الضفة الأخرى، ولكن كخصمين على مقاعد التدريب.

من زمالة الملاعب إلى مواجهة الدكات

بعد سنوات قليلة، افترقت طرق اللاعبين، رحل كونسيساو إلى بارما ثم إنتر ميلان قبل أن يعود مجددا إلى لاتسيو ليختم مسيرته معه، بينما بقي إنزاجي في النادي ذاته لسنوات، ليصبح لاحقا رمز من رموزه التاريخية.

ومع نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة، قرر الاثنان تعليق حذائهما وبدء مرحلة جديدة في عالم التدريب.

لم يكن اللقاء الأول بينهما كمدربين عادي، فقد جاء بعد تسعة عشر عام من آخر مباراة جمعتهما في الملاعب.

اللقاء وقع في دوري أبطال أوروبا موسم 2022-2023، عندما واجه بورتو بقيادة كونسيساو فريق إنتر ميلان بقيادة إنزاجي في الدور ثمن النهائي.

فاز إنتر ذهاب بصعوبة في سان سيرو بهدف نظيف، ثم عاد بورتو ليقدم مباراة بطولية في الإياب انتهت بالتعادل السلبي.

ورغم الإقصاء، إلا أن التوتر بين المدربين بلغ ذروته حين رفض كونسيساو مصافحة إنزاجي بعد نهاية اللقاء، في مشهد كان بمثابة القطيعة الرسمية بين الصديقين القديمين.

تحوّل الصداقة إلى صراع

منذ تلك اللحظة، تحول الاحترام المتبادل إلى منافسة محتدمة، وبعد عام واحد فقط، قاد القدر كونسيساو للعودة إلى الدوري الإيطالي عبر بوابة ميلان، في وقت كان فيه إنزاجي يعيش واحدة من أفضل فتراته مع إنتر ميلان.

ومع ذلك، جاء دخول كونسيساو إلى المشهد كعاصفة قلبت موازين القوى في المدينة، إذ تمكن خلال ستة أشهر فقط من قلب الطاولة على غريمه الإيطالي.

بدأت المواجهة الكبرى بينهما في يناير 2025، حين التقى ميلان وإنتر في نهائي كأس السوبر الإيطالي.

وبشكل مفاجئ، استطاع كونسيساو قيادة ميلان للفوز بنتيجة 3-2، محقق أول ألقابه في أقل من أسبوع من توليه القيادة الفنية. لم يكن الفوز مجرد بطولة، بل إعلان عن بداية هيمنة جديدة للمدرب البرتغالي على غريمه القديم.

تواصلت المواجهات بين الطرفين في الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا، حيث فرض كونسيساو سيطرته بشكل كامل.

ففي مواجهات الدوري، خرج الفريقان بتعادل مثير، لكنه كلف إنزاجي خسارة فرصة مطاردة نابولي على صدارة الترتيب، بينما تمكن كونسيساو لاحقا من إقصائه من نصف نهائي كأس إيطاليا بنتيجة ثقيلة بلغت ثلاثة أهداف دون رد في مباراة الإياب، ليؤكد تفوقه التكتيكي الكامل عليه.

أرقام لا تعرف الرحمة

انتهى الموسم الإيطالي بتفوق كونسيساو الواضح، إذ لم يخسر أمام إنزاجي في أي مواجهة خلال ذلك الموسم، محققا فوزين وتعادلين في أربع مباريات، وسجل لاعبوه ثمانية أهداف مقابل أربعة فقط استقبلها مرماه.

وحتى بعد رحيله عن ميلان في نهاية الموسم، ظل سجله أمام إنزاجي شبه مثالي، إذ لم يخسر أمامه سوى مرة واحدة في ست مواجهات رسمية.

لكن الذروة جاءت حين فقد إنزاجي مع إنتر ميلان فرصة تحقيق الثلاثية التاريخية المحلية بسبب كونسيساو، الذي حرمه من الفوز بالسوبر والكأس والدوري في موسم واحد، قبل أن يتلقى إنزاجي هزيمة قاسية في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان بخماسية، في أكبر خسارة بتاريخ النهائيات الأوروبية.

عودة الصراع إلى الشرق الأوسط

وبينما ظن الجميع أن فصول المواجهة بين المدربين قد انتهت في إيطاليا، شاءت الأقدار أن تمتد إلى أرضٍ جديدة، هذه المرة في السعودية، حيث يقود سيرجيو كونسيساو نادي الاتحاد الطامح لاستعادة أمجاده، فيما يتولى سيموني إنزاجي تدريب الهلال الباحث عن تأكيد زعامته الآسيوية.

اليوم، يتجدد الصدام بين الرجلين في قمة جديدة من قمم الكرة السعودية، كلاسيكو الاتحاد والهلال، ضمن الجولة السادسة من الدوري السعودي للمحترفين.

مواجهة لا تعد مجرد مباراة في جدول الدوري، بل هي استمرار لقصة طويلة من التحدي بين مدربين جمعتهما الصداقة في الماضي، ويفصل بينهما اليوم الصراع على المجد الكروي.

كونسيساو يدخل اللقاء بعقلية المنتصر الدائم على غريمه، فيما يسعى إنزاجي إلى كسر تلك الهيمنة واستعادة بعض من كبريائه المفقود منذ زمن لاتسيو.

وبين التاريخ والمستقبل، تقف هذه المواجهة كفصل جديد في رواية ممتدة منذ أكثر من ربع قرن، بدأت في روما، ومرت عبر ميلانو، لتصل اليوم إلى الملاعب السعودية تحت أضواء التحدي والطموح والانتقام الرياضي.