السعودية تتخذ اجراء حاسم ينهي التلاعب بتأشيرات الزيارة العائلية ويلزم الحاصلين عليها باجراءات جديدة

السعودية تتخذ اجراء حاسم ينهي التلاعب بتأشيرات الزيارة العائلية
  • آخر تحديث

تشهد المملكة العربية السعودية مرحلة جديدة من التطوير التشريعي والتنظيمي، حيث تمضي بخطى مدروسة نحو تحديث القوانين والإجراءات التي تمس حياة المقيمين والزوار على أراضيها.

السعودية تتخذ اجراء حاسم ينهي التلاعب بتأشيرات الزيارة العائلية

وفي هذا السياق، أعلنت الجهات المختصة عن تعديلات جوهرية في نظام تأشيرات الزيارة العائلية، تهدف إلى ضبط حركة الدخول والخروج وتنظيم استقدام الأسر بما ينسجم مع الضوابط القانونية والإجراءات الرسمية.

تأتي هذه الخطوة كجزء من رؤية المملكة الواسعة لتحديث المنظومة القانونية والإدارية، بما يضمن التوازن بين البعد الإنساني المتمثل في تسهيل لم شمل العائلات، والبعد التنظيمي الذي يهدف إلى حماية سوق العمل وضمان الالتزام بأنظمة الإقامة والزيارة.

وتؤكد الجهات المعنية أن هذه التعديلات لا تستهدف التضييق على المقيمين، بل تهدف إلى خلق بيئة قانونية أكثر وضوح وانضباط، تسهل الإجراءات وتحد من المخالفات التي تؤثر على الأمن والنظام العام.

ومع دخول اللوائح الجديدة حيز التنفيذ، أصبح لزاما على المقيمين الإلمام بجميع التفاصيل الدقيقة لشروط الزيارة، تفادي لأي مخالفات قد يترتب عليها غرامات مالية أو عقوبات قانونية.

نظام العقوبات الجديد وضبط المخالفات

وضعت السلطات السعودية إطار قانوني صارم للعقوبات المتعلقة بتجاوز شروط تأشيرة الزيارة العائلية، يعتمد على مبدأ التصعيد في العقوبة مع تكرار المخالفة.

ووفق النظام الجديد، تبدأ العقوبات بفرض غرامة مالية تصل إلى خمسة عشر ألف ريال سعودي عند تجاوز مدة الزيارة في المرة الأولى دون تجديد، مع إلزام الزائر بمغادرة المملكة فورا بعد دفع الغرامة.

أما في حال تكرار المخالفة للمرة الثانية، فترفع قيمة الغرامة إلى خمسةٍ وعشرين ألف ريال سعودي، ويضاف إليها احتمال السجن لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، كإجراء رادع للحد من التهاون في الالتزام بالأنظمة.

وفي المخالفة الثالثة، تطبق العقوبة الأشد، إذ تفرض غرامة تصل إلى خمسين ألف ريال سعودي، مع إمكانية السجن لمدة ستة أشهر، وقد يرحل المخالف من المملكة بعد انتهاء فترة العقوبة.

وتشير الجهات الرسمية إلى أن هذه الإجراءات جاءت نتيجة دراسة ميدانية أظهرت ارتفاع في نسب المخالفات المتعلقة بتأشيرات الزيارة، خاصة من حيث تجاوز المدة المسموح بها أو استخدام التأشيرة في غير الغرض المخصص لها، مثل العمل أو الإقامة الطويلة.

المتطلبات الجديدة للحصول على تأشيرة الزيارة العائلية

حددت وزارة الخارجية السعودية الخطوات النظامية لاستقدام أفراد العائلة، موضحة أن التقديم يتم إلكترونيا عبر المنصات الرسمية مثل منصة “إنجاز” أو “مقيم”، لضمان الشفافية والدقة في معالجة الطلبات.

ويشترط أن تكون العلاقة العائلية من الدرجة الأولى وتشمل الوالدين، الزوجة، الأبناء، أو الأخوات، مع تقديم إثباتات رسمية تؤكد صلة القرابة.

كما يتوجب أن تكون إقامة مقدم الطلب سارية المفعول، وأن يمتلك الزائر جواز سفر صالح لمدة لا تقل عن ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب.

أما من حيث المدة، فتتراوح تأشيرات الزيارة بين أسبوعين كحد أدنى وسنة واحدة كحد أقصى، وتحدد الرسوم بناءً على المدة المختارة، حيث تبدأ من ألفي ريال سعودي للزيارات القصيرة، وتصل إلى خمسة آلاف ريال للزيارات الطويلة أو السنوية.

وقد تتطلب بعض الحالات الخاصة تقديم تقارير طبية أو شهادات صحية للزوار القادمين من دول معينة، وذلك كإجراء وقائي للصحة العامة. كما شددت التعليمات على ضرورة مراجعة البيانات المدخلة بدقة قبل اعتماد الطلب، لأن أي خطأ قد يؤدي إلى رفضه أو تعطيله.

تحديات المقيمين في ظل التعديلات الجديدة

رغم أن التعديلات جاءت لضبط وتنظيم عملية الزيارة، إلا أن بعض المقيمين يواجهون تحديات متعددة في التعامل مع اللوائح الجديدة، أبرزها صعوبة فهم التفاصيل القانونية الدقيقة أو مواجهة ارتفاع في رسوم الخدمات والغرامات.

ولتجاوز هذه التحديات، توصي الجهات الرسمية المقيمين بمتابعة صلاحية تأشيرات ذويهم بانتظام، وتجديدها في الوقت المناسب قبل انتهاء المدة بمدة كافية.

كما ينصح بعدم استخدام تأشيرات الزيارة لأغراض غير قانونية مثل الإقامة الدائمة أو العمل، لأن ذلك يعد مخالفة جسيمة قد تؤدي إلى الترحيل والمنع من الدخول مستقبلا.

وفي حال وجود أي لبس في التعليمات، يمكن للمقيمين الاستعانة بالمنصات الرسمية أو التواصل مع القنصليات السعودية في الخارج أو مكاتب الجوازات داخل المملكة، لضمان تطبيق الإجراءات بالشكل الصحيح.

كما يستحسن استشارة مختصين قانونيين لتوضيح الجوانب التنظيمية لكل حالة على حدة.

رؤية المملكة 2030 وتنظيم سوق الإقامة والزيارة

تأتي هذه التعديلات القانونية في سياق أوسع يندرج ضمن رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى بناء مجتمع منظم ومستقر قائم على سيادة القانون واحترام الأنظمة.

ويعتبر تنظيم تأشيرات الزيارة العائلية خطوة مهمة نحو ضبط سوق العمل وتحديد الأطر القانونية الواضحة للإقامة المؤقتة داخل المملكة.

ومن خلال تطوير الأنظمة الرقمية، أصبح بإمكان المقيمين إنجاز طلباتهم بسهولة عبر الخدمات الإلكترونية دون الحاجة إلى مراجعة المكاتب التقليدية، مما قلل من الأخطاء وساهم في تسريع عملية الموافقة.

كما تسعى هذه الجهود إلى تعزيز الثقة بين المواطن والمقيم والجهات الرسمية، وترسيخ مبدأ أن الالتزام بالأنظمة هو السبيل الوحيد للاستقرار داخل المملكة، سواء للأفراد أو للعائلات المقيمة.

تؤكد المملكة العربية السعودية من خلال هذه القرارات أنها تسير بخطى ثابتة نحو بناء نظام قانوني حديث يوازن بين الإنسانية والتنظيم، ويعزز من مكانتها كدولة جاذبة للإقامة والعمل والزيارة، في إطار احترام الأنظمة والقوانين.

ومع استمرار التحسينات التشريعية والإدارية، يتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيد من التسهيلات الرقمية والتشريعية التي تجعل تجربة الإقامة في المملكة أكثر وضوح وتنظيم، بما ينسجم مع مسار التنمية المستدامة ورؤية 2030 التي تضع الإنسان في صميم خططها التطويرية.