ليست الكبسة.. أكلة سعودية غير متوقعة تحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط

أكلة سعودية غير متوقعة تحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط
  • آخر تحديث

في إنجاز جديد يعكس المكانة المتنامية للمطبخ السعودي على الساحة العالمية، حصد طبق الحنيذ المركز الأول ضمن قائمة أفضل أطباق الأرز واللحم في الشرق الأوسط لعام 2025، وفقا لتصنيف منصة "TasteAtlas" العالمية المتخصصة في تقييم المأكولات التراثية والشعبية.

أكلة سعودية غير متوقعة تحتل المرتبة الأولى في الشرق الأوسط

وقد تفوق الحنيذ على مجموعة واسعة من الأطباق الشهيرة في المنطقة، محقق تقييم مميز بلغ 4.5 من أصل 5 نجوم، وهو ما وضعه في صدارة تصنيف Lamb & Rice Dishes of the Middle East، متقدم على القوزي والمقلوبة والكباب والمندي وغيرها من الأطباق المعروفة في ثقافات الطهي العربية والإسلامية.

هذا الإنجاز اللافت لا يقتصر على كونه تتويج لطبق سعودي أصيل فحسب، بل يعكس تقدير عالمي متزايد لفنون الطهي المحلية في المملكة العربية السعودية التي تمتلك إرث غذائي متنوع يمتد عبر مناطقها المختلفة، من السهول الساحلية إلى المرتفعات الجبلية، حيث لكل منطقة نكهتها الخاصة وطريقتها المميزة في إعداد الأطعمة التقليدية.

أصل الحنيذ ومكانته في المطبخ السعودي

يعتبر الحنيذ من أعرق الأطباق التي ارتبطت بالهوية السعودية، خصوصا في مناطق عسير وجنوب المملكة، حيث يعد جزء من الموروث الثقافي والاجتماعي الذي يتوارثه الناس جيل بعد جيل.

ويحضر هذا الطبق بطريقة تقليدية فريدة داخل التنور أو حفرة أرضية تغطى بالأحجار الساخنة وأوراق الشجر، ما يمنح اللحم طهي بطيئ يجعله طري وغني بالنكهة والدخان الطبيعي.

تستخدم في إعداد الحنيذ لحوم الإبل أو الأغنام غالبا، وتقدم مع الأرز المتبل بالبهارات المحلية مثل الكركم والهيل والقرفة، لتشكل وجبة متكاملة تعبر عن كرم الضيافة السعودية وأصالة المطبخ الجنوبي.

ويعد هذا الأسلوب في الطهي مثال على التناغم بين البساطة الريفية والابتكار الطبيعي الذي تميزت به الأكلات القديمة في الجزيرة العربية.

مقارنة عالمية وتفوّق سعودي واضح

وفقا لتصنيف "TasteAtlas"، احتل الحنيذ المركز الأول بتقييم 4.5 نجوم، متفوق على الكباب الإيراني الذي جاء في المرتبة الثانية بتقييم 4.4، بينما تقاسم كل من القوزي العراقي والقطري والمقلوبة الفلسطينية والأردنية المرتبة الثالثة بتقييم 4.2.

كما جاءت الكبسة والمندي السعوديتان في المراتب التالية بتقييم 4.1، وهو ما يعكس تفوق الأطباق السعودية ضمن قائمة إقليمية تضم نخبة من أشهر الأكلات في الشرق الأوسط.

وضمت القائمة أيضا عدد من الأطباق الإقليمية ذات الشعبية الواسعة، مثل ورق العنب المصري الذي حصل على تقييم 4.0، والكفتة التبريزية من إيران بتقييم 3.9، والشواء العماني والكفتة التركية "كادين بودو" اللتين سجلتا 3.8.

اللافت في التصنيف أن المملكة برزت بثلاثة أطباق دفعة واحدة ضمن المراتب الأولى، ما يدل على ثراء مطبخها وتنوع تقاليده الممتدة عبر مناطقها المختلفة.

منهجية التصنيف وموثوقية النتائج

تستند منصة "TasteAtlas" في تصنيفاتها إلى آراء الزوار ومحبي الطعام من مختلف دول العالم، حيث تجمع التقييمات بناءً على تجربة فعلية للأطباق، ويتم احتساب النتائج من خلال متوسط التقييم وعدد الأصوات الموثوقة لكل صنف غذائي.

وتعتمد المنصة على قاعدة بيانات ضخمة تغطي آلاف الأطعمة والمطاعم حول العالم، ما يجعلها مرجع مهم لعشاق المأكولات الأصيلة والباحثين في الثقافة الغذائية.

هذه المنهجية الصارمة في التقييم منحت تصنيفات المنصة مصداقية عالية، وجعلت نتائجها مؤشر حقيقي على تفاعل الجمهور العالمي مع المأكولات التراثية التي تحمل طابع محلي، مثل الحنيذ الذي استطاع أن يجمع بين الشعبية المحلية والاعتراف الدولي.

انعكاس التتويج على مكانة المطبخ السعودي عالمي

يمثل هذا التفوق خطوة جديدة في مسيرة المطبخ السعودي نحو العالمية، حيث تسعى المملكة عبر وزارة الثقافة وهيئة فنون الطهي إلى توثيق الموروث الغذائي المحلي وتقديمه للعالم باعتباره جزء من الهوية الوطنية.

وتأتي هذه الجهود ضمن إطار رؤية السعودية 2030 التي تركز على إبراز التنوع الثقافي والفني للمملكة، بما في ذلك المأكولات الشعبية التي تعد ركن أساسي من مكونات الثقافة المجتمعية.

كما تعمل الجهات المعنية حاليا على تسجيل عدد من الأطباق السعودية ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي في منظمة اليونسكو، بهدف الحفاظ على تقاليد الطهي الأصيلة وتوريثها للأجيال القادمة.

ويتوقع أن يسهم هذا النوع من الاعتراف الدولي في جذب السياح المهتمين بتجارب الطهي الثقافية، وتعزيز حضور المملكة في مشهد المأكولات العالمية.

طعام يحمل ذاكرة المكان وعبق التراث

يبقى الحنيذ أكثر من مجرد طبق يقدم على الموائد السعودية، فهو يمثل قصة ارتباط الإنسان ببيئته وتكيفه مع مواردها الطبيعية، إذ ابتكر الأجداد طرق فريدة لطهي الطعام باستخدام النار والأرض والهواء، فكانت النتيجة نكهة لا تشبه سواها.

واليوم، مع هذا التتويج العالمي، يعود الحنيذ ليتحدث بلغة الذوق العالمي عن فن سعودي عريق ظل حي رغم تغير الأزمنة.